بنت فلسطين .:: عضو جديد ::.
مشاركات : 14 العمر : 15 الجنس : تاريخ التسجيل : 20/05/2010 نقاط التميز : 90
| موضوع: /////......عربون باريس......///// الأربعاء نوفمبر 24, 2010 5:47 am | |
| عُربون باريس ========================== كانت صالة المطار تنبض بحيوية، فالعناق مشهدٌ متكررٌفيها ، إما لوداعٍ أو استقبال و الوجوه اعترتها تقاسيمٌ متباينةٌ أيّما تباين ،فالوجوم سبغَ بعضها بعنفٍ و الانتظار الملهوف علا بعضها الآخر ، و الدمع ضيفٌ مقيمٌ في المكان و أصوات الحقائب ذات العجلات تُضفي صخباً غير مزعج على الصالة ، الكلماتُ ذاتُها تتردد على الألسن و يُعاد سماعها كلّ حين...أُناسٌ مختلفون يتبادلون نفس الكلمات في فترة مكوثهم القصير في الصالة ، كلهم سيغادرون بعد فترة قصيرةٍ حاملين معهم عزيز طال انتظاره أو غصةُ وداعٍ محموم طالما كرهوا لقائها. أما هندٌ فلم تكن تُحسُّ بما حولها فقد امتزج شعورها بالحزن على فراق حسن مع الخوف مما ينتظرها خارج الصالة. لم تستطع تحديد مشاعرها في تلك اللحظة ، فقد أضحت كتلةً مُصْمتة من الأحاسيس الباهتة و هي تستمع لكلام حبيبها حسن و هو يهوّن عليها الأمور و يرسم لها صورةً زاهية للمستقبل القريب الذي ينتظرهما في باريس.. "حبيبتي هي ليلة واحدة و حسب... لأني أحبك وافقت على هذا العرض ...ضحيتُ كثيرا من أجلكِ و تحمّلت خسارة عملي و مستقبلي بعد أن تزوجتك رغما عن أهلك...الى متى سنبقى نعاني من الخوف و الهرب من مكان لآخر خوفا من أهلكِ الذين ما أعياهم البحث ،و لن يهدأ لهم بال الا حين يرون جثتي و جثتك.. عرضُ سامي بك جائنا هديةً من السماء...سننسى هذه الليلة و نعود لنعيش حبنا الذي حاربنا الدنيا من أجله..." لم تكن هندٌ تعي ما يقول ، كانت حاضرةً بجسدها فقط ، لا ترى او تسمع ما يدور حولها إلى أن علا في الصالة نداءٌ الى المسافرين الى باريس ،عندها فقط استيقظت من سباتها و عادت حواسها للعمل، و حسنٌ لايزال يشدُّ من أزرها و يدعوها للمكوث في بيت سامي بك هذه الليلة... " هل فهمت ما قلت يا حبيبتي.." (ها.... نعم ..نعم..) أمسكها من كتفيها ليبثّ فيها جرعةً أخيرة من الثقة و الحب " رقبتي في يديكِ، أرجوكِ يا حبيبتي أن تنفّذي ما اتفقنا عليه..سأَعدّ الثوانيَ و الدقائق حتى ألقاكِ، انتظري مكالمةً مني لأُخبرك بوصولي وإن تأخّر اتصالي لا تَقلقي عليّ لأني سأكون منهمكاً بترتيب أموري هناك ...." تكرر النداء مرة أخرى و كان لابد له من الرحيل الذي اشتاق له ، فقد أضنَتهُ هذه الساعة و لم يعد باستطاعته تزييف مشاعره أكثر. " ألن تتمني ليَ السلامة؟" (وداعاً يا حبيبي...) لم تستطع كتمان دموعها التي انسابت بسخاء على وجهها لحظتئذٍ (أنت تحبني و تنتظرني هناك ..أليس كذلك؟) أمالَ رأسه قليلاً و أسبلَ جفنيه حتى التهما نصف عينيه و نظر اليها ببراءة مطلقة. "لو تعرفين كم أحبك لخجلت من هذا السؤال" ضمّها إلى صدره ضمة قوية ، أشعرتها بصدق ما يقول و طبع على جبينها قبلة و غذّ خُطاه الى باب تفتيش الحقائب. ظلّت واقفة في مكانها ترنو إليه ، لقد أخذ قلبها معه ، و حمله في حقيبة يده بين أشيائه، بقيت جامدةً حتى غاب عن ناظريها و ابتلعته صالة المسافرين الداخلية ، لم تصحُ من سكرتها تلك إلّا على صوت سائق تكسي كان يراقب الموقف من بعيد مستعداً للوثوب لاقتناص توصيلةٍ إلى المدينة- تاكسي مدام ؟ حاولت لملمة ما بقي لديها من شعور و جمع فلول أحاسيسها المتكسّرة، استجمعت قواها و قالت بصوت مبحوح مخنوق(نعم من فضلك) أطلقت العنان لدموعها التي سالت بحرية و وفرة، كانت تفكر بوضعها و إلى ما آلت إليه حالها..لقد تركها حسنٌ للذئاب ، لأول مرة تُحسّ بالغربة منذ أن هربت مع حسن من القرية، لأول مرة تشعر بالوحدة..لكن كل هذا لا يُجدي نفعاً ، فرصةٌ وحيدةٌ و أمل أخير ينقذها مما هي فيه، أن تستدعي شجاعتها و تفُضّ كل الاتفاقات التي كان جسدها عربوناً لها.. بدأت تفكر جديّا في الأمر بينما لا تزال السيارة تطوي الطريق و قد لاحت المدينة من بعيد- إلى أين مدام ؟(الى ..الى...) طرقت كلمات حسن الأخيرة أذنها و كأنها ناقوس يدعو للعبادة"رقبتي في يديك...سأعدّ الثواني...." استسلمت لحسن و نداءاته...حتى خياله يقنعها و يضغط عليها..أعطت السائق عنوان سامي بك و عادت الى ما كانت فيه من تبلّدٍ و ضياع. | |
|
جون سينا .:: عضو مميز ::.
مشاركات : 446 العمر : 18 الجنس : البلد : بشتغل : مزاجي : تاريخ التسجيل : 18/11/2010 نقاط التميز : 708
| موضوع: رد: /////......عربون باريس......///// الأربعاء نوفمبر 24, 2010 8:42 am | |
| | |
|