ماذا يحدث
عندما تصاب كرة القدم بلوثة !!
لقد حدث بالفعل في مباراة غانا وأوروجواي
تلك التي انتهت بتأهل أوروجواي إلى المربع الذهبي وذهاب غانا إلى مستشفى الأمراض
العقلية! فالمباراة فقدت عقلها في الثانية الأخيرة ثم في ركلات الترجيح ! ففي
الثانية الأخيرة من الشوط الإضافي الرابع والنتيجة التعادل هدف لهدف يخرج المهاجم
اللامع الأورجواني لويس سواريز الكرة من على خط المرمى قبل أن تسكن شباك فريقه وعلى
الفور يطرده الحكم ويحتسب ركلة جزاء لغانا لكي تدخل ومعها كل أفريقيا التاريخ
المونديالي من أوسع الأبواب ويتقدم النجم جيان أسيمواه فمن غيره يتصدى لهذه اللحظة
التاريخية التي سيضرب بها مليون عصفور بحجر واحد حيث سيتأهل فريقه للمربع الذهبي
ويحصل في نفس الوقت على لقب الهداف.. فاي مجد هذا الذي ينتظره وينتظر كل أفريقيا!
ويتقدم جيان إلى الكرة وتتوقف أنفاس كل من يتابع المونديال في المعمورة.. ويضيعها
جيان في لحظة من أقسى لحظات كرة القدم على مر التاريخ !! ولم تتوقف اللوثة
المونديالية عند هذا الحد.. وراحت الكاميرا تطارد اللاعب وكأنها تنتظر اللحظة التي
سوف يتوقف فيها قلبه! وتبدأ ركلات الترجيح .. وإذا بقرار غير إنساني من المدرب
الصربي راييفاتش الذي سمح لجيان بتسديد الركلة الأولى لغانا في مشهد رفض تصديقه
العالم .. لقد كان المدرب يراهن بهذا القرار المأساوي على تحويل لحظات الموت التي
كان يشعر بها جيان وزملاؤه إلى لحظات حياة لو سجل الركلة الأولى.. وبالفعل سجل
النجم الغاني وبدأت ضربات قلبه تعمل مرة أخرى .. لكن ماذا لو لم يسجل!!! وهل من
العدل أن يراهن المدرب ويكون ثمن الرهان حياة لاعب !! لا أحد يستطيع أن يجزم بما
كان سيحدث لو أضاع اللاعب الركلة الثانية .. بما كان سيحدث له أو لأحد زملائه أو
حتى لمشجع في الملعب أو في غانا !! والغريب في الأمر أنه رغم هذه المخاطرة غير
الآدمية لم تفز غانا بعد أن تألق حارس الأوروجواي وتصدى لتسديدتين بثبات وثقة ليكون
سببا محوريا في ذهاب فريقه بعد أكثر من أربعين سنة إلى المربع الذهبي ! ورغم كل هذه
الأحداث لم تكن اللوثة المونديالية قد انتهت بعد .. فهذه المباراة شهدت كما من
الغرائب الكروية التي لن ينساها المونديال ولا بعد سنوات طويلة.. فاللاعب سواريز
الذي خرج مطرودا في الثانية الأخيرة وتسبب في ركلة الجزاء كان من الممكن أن تطالب
الجماهير بشنقه في ميدان عام لو دخل الهدف وخرجت الأوروجواي .. لكنها كرة القدم
المجنونة التي تحول فيها اللاعب المطرود المتسبب في ركلة الجزاء إلى بطل قومي بكل
ما تحمله الكلمة من معنى .. لأنه بعد أن فازت بلاده أصبح في نظرها المنقذ الذي حال
دون دخول هدف مؤكد .. والذي تسببت يده “المباركة “ في كل الأحداث التي حدثت بعد ذلك
لمصلحة فريقه.. وكان حمله على الأعناق في أعقاب صافرة الحكم دليلا على اللوثة التي
أصابت كرة القدم في جنوب إفريقيا فاللاعب الذي كاد أن يقهر شعبه حملوه على الأعناق
وأصبح “ أبا زيد الهلالي “ في الأوروجواي !
أما بعد
لم أكن وحدي
بالطبع، بل كنت أحد الملايين الذين توقعوا هذا المصير لمنتخب البرازيل .. قلت وغضب
مني حتى أبنائي أن عصر السامبا قد أفل، وأنني أشك ليس فقط في فوزهم بالمونديال بل
في وصولهم للمباراة النهائية، ودعني أسالك من من نجوم البرازيل أمتعك أو فرض اسمه
على ذاكرتك كما جرت العادة في مونديالات سابقة حتى لو كانوا يخسرون ؟!