قرصنة إسرائيل بين الوهن العربيى و التخاذل العالمى !!
الحمد لله، معزّ الإسلام بنصره، ومُذلّ الكفر بقهره، ومصرف الأمور بأمره،
ومديم النعم بشكره، ومستدرج الكفار بمكره، الذي قدر الأيام بعدله، وجعل
العاقبة للمتقين بفضله، وبعدُ
فما أشبه الليلة بالبارحة، فبالأمس القريب كان هجوم اليهود الصهاينة على
غزة المحتلة؛ حيث كان القتل والدمار والتخريب، قتلوا الأطفال والشيوخ
والنساء، ودمّروا المساجد وهدموا المنازل، واقتلعوا الأخضر واليابس، على
مرأى ومسمع من إخوة الدين واللغة والعقيدة، وتحت سمع وبصر مدعي الحرية من
الغرب الحاقد، والمنظمات الدولية، حاصروهم وأذلوهم، حتى بيانات الشجب
والإدانة لم تَعُدْ ألسنتهم تقدرُ على ترديدها، إنه الحصار لكل ما هو
إسلامي، ومع كثرة هواننا على الناس هبّت فئة قليلة ممن استيقظت ضمائرهم في
محاولة لتحريك ضمائرنا، أمام عَدو غاشم لا يعير اهتمامًا لأحد، فتحرك
أصحاب الضمائر المستيقظة في محاولة منهم لإيقاظنا من ثباتنا العميق،
وتحركوا بقافلة أطلقوا عليها قافلة الحرية، وقبل أن يصلوا إلى مبتغاهم كان
المشهد الذي يُدمي القلوب، وتدمعُ له العيون وما زال العرب والمسلمون
يقفون في أماكنهم ينظرون إليهم نظرة الحَسْرة والندامة، وإنا لله وإنا
إليه راجعون
قافلة الحرية وإرهاب اليهود
فمما يُدمي القلب، وتدمع له العين، ما أصاب إخواننا شهداء النصرة ممن قامت
بقلوبهم غيرة الإيمان والنخوة والمروءة، فهبوا لنصرة إخوانهم المظلومين،
ففاجأهم إخوان القردة والخنازير بهجوم مباغت في مشهد بشع اختلطت فيه
الدماء بالمياه لمن كانوا على قافلة الحرية
فعلى متنها جمعت أناسًا جاءوا لنصرة المظلومين، وتلاقت بين جنباتها أنفاس
الشباب والرجال الطاعنين في السن والنساء والأطفال ، جاءوا من كل حدب وصوب
على أسطول الحرية الذي قدم دروسًا للمتخاذلين، ليذكرونا بأن الحق يعلو ولا
يعلى عليه، وأن الله يهيئ له من خلقه من يشاء، وما أحوجنا في هذه الأيام،
وفي تلك الأزمنة إلى قوافل للحرية، في زمن عظمت فيه المصيبة، وحلَّت به
الرزايا العصبية، وتخطَّفت عالم الإسلام أيدي حاسديه، ونهشته أيدي أعاديه،
فالكرامة مسلوبة، والحقوق منهوبة، والأراضي مغصوبة، ذبلت الأجساد، وجفَّت
الأكباد، وقرقرت البطون، وظمأت الأجواف، أطفال يصرخون، وشيوخ يئنون، ومرضى
يتوجعون، وما أحوجنا إلى استشعار العزة والكرامة، ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم
إغاثة شعب ونصرة مظلوم
ونحن نستطلع هذه الأحداث التي مرت بنا في الأيام الماضية نتذكر الأحداث
العظام من تاريخ أمتنا وسيرة نبينا ، فبعد سنوات من بعثة الرسول الأمين
محمد ، تعاقد أئمة الكفر ورءوس الطغيان في مكة على مقاطعة بني هاشم وبني
عبد المطلب مسلمهم وكافرهم لأنهم آزروا النبي ، وكتبوا صحيفة بذلك علقوها
على الكعبة فدخل بنو هاشم وبنو عبد المطلب شِعْب أبي طالب، وتركوا منازلهم
في مكة، نصرةً للنبي وحمية له، وإن كان كثير منهم على غير دينه، ومنعت
قريش عنهم الطعام والشراب وكل ما يحتاجونه، وعظم الحصارُ عليهم، فأكلوا
أوراق الشجر، وكل شيء رطب، وهلك منهم ناسٌ من الجوع، وبذل أبو طالب وهو
مشرك جميع ماله، وكان صياح الصبيان يُسمع من وراء الشعب، من شدة الجوع
والمخمصة، فيرقُّ أهل مكة لحال أهل الشعب، فيهرّبون الطعام والكساء لهم
بالليل
وبعد ثلاث سنوات من الحصار والجوع سعى بعض كبارهم إلى نقض تلك الصحيفة
الظالمة، وما فعل المشركون من بني هاشم وبني عبد المطلب ما فعلوا حتى
تركوا بيوتهم، وهجروا قبائلهم، وانحازوا إلى الشِّعب يقاسمون المسلمين
الجوع والضراء والبأساء ثلاث سنوات تباعًا، ما فعلوا ذلك إلاَّ حمية للدم
والنسب، ووفاء بواجب المروءة والشهامة، وحفظًا لحق الرحم والقرابة
وإذا كانت مروءة العرب قد دفعت مشركي بني هاشم وبني عبد المطلب إلى أن
يقفوا في خندق واحد مع النبي وأصحابه أثناء الحصار، أفلا نتعلم من هذه
المساندة درسًا يوجهنا نحو الموقف الذي تمليه المروءة على العرب والمسلمين
قاطبة تجاه أهل فلسطين في غزة وفي الضفة وفي القدس الشريف؟
وهل نكون لإخواننا في فلسطين كما كان بنو هاشم وبنو عبد المطلب لمحمد ومن
معه من المسلمين، يجري علينا ما يجري عليهم، ونعاني مما يعانون منه، ولا
نخذلهم ولا نسلمهم لأعدائهم يفعلون بهم ما يشاءون، أم نحب أن نكون كأبي
لهب الذي حالف الظلمة ضد الحق وضد أهله ورحمه؟
وإذا كان خمسة من مشركي قريش قد سعوا في نقض صحيفة مقاطعة النبي وأصحابه،
وإذا كانت قافلة الحرية بمن فيها من الشرفاء وأصحاب الضمائر اليقظة قد
سعوا لكسر هذا الحصار الظالم، فإننا نتساءل ألا يوجد في الأمة الإسلامية،
أمة المليار ونصف المليار مسلم أمثال هؤلاء؟
إنها دعوة لذوي الأقلام الحرة، والنفوس الأبية، والحمية الإسلامية،
والغيرة العربية، أن يعبِّروا عن رفضهم لهذا القهر والظلم الأمريكي
الصهيوني لأمتنا ولإخواننا في فلسطين خاصة؟
جرائم اليهود وجريمة البحر
فاليهود هم اليهود أخبث الأمم طويةً، وأرداهم سَجِيَّةً، وأبعدهم من
الرحمة، وأقربهم من النقمة، امتلأت قلوبهم بالحسد والحقد، يرتكبون المجازر
تلو المجازر، لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا
الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا المائدة
وهذا الحدث من طبيعة النفس اليهودية الساعية للإفساد والقائمة على
الإجرام، وقد فعلوا ما هو أكبر من ذلك، فهم قتلة الأنبياء، وسفاكو الدماء،
كذبوا على الله، وحرفوا كُتبه، وأكلوا السُّحت، ونقضوا المواثيق والعهود
فليست جريمة الاعتداء على سفينة الحرية أولى جرائمهم، وقد أخبرنا الله
سبحانه وتعالى بجملة من كبائرهم؛ فقال تبارك وتعالى فَبِمَا نَقْضِهِمْ
مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ
بِغَيْرِ حَقٍّ لَعَنَّاهُمْ النساء ، وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى
مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ النساء ، وَبِصَدِّهِمْ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ
وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ النساء
هذه بعض جرائم اليهود في القرآن الكريم، واليوم تَلطَّخَتْ أيديهم بدماء
القتلى من مسلمين وغيرهم ممن جاءوا لنجدة المظلومين المحاصرين من أهل غزة
وشعب فلسطين
فاليهود لا يراعون في أحد ذمة ولا عهدًا، ولا يخافون الله في خلقه، كما
أخبرنا تعالى بقوله لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً
التوبة ، وقال تعالى كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا
فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً التوبة
وقد رأينا ذلك واضحًا في الوحشية اليهودية تجاه أناسٍ عُزَّل من بلدان
مختلفة، لا يملكون من أمرهم شيئًا، وهكذا اليهود، وَيَسْعَوْنَ فِي
الأَرْضِ فَسَادًا المائدة
واليهود قومٌ بهت زعموا كذبًا وجود أسلحة في السفن المحملة بالمساعدات
الغذائية والطبية، وتحججوا بأن ركاب السفينة قاوموا جنودهم بالسلاح؛
لتبرير جريمتهم النكراء، قال الله تعالى واصفًا حال اليهود أثناء القتال
لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ
وَرَاءِ جُدُرٍ ، وظهر ذلك واضحًا جليًا في استخدامهم الطائرات والسفن
الحربية لمقاتلة أشخاص عُزَّل
ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
إن القرصنة اليهودية الدنيئة، والعمل الإجرامي الشائن الذي ارتكبه الكيان
الصهيوني الغاصب على قافلة أسطول الحرية، ذلك المشروع الإنساني الإغاثي
للشعب المحاصر في غزة، مخالفين بذلك الشرائع السماوية، والقوانين الأرضية،
والأعراف الدولية؛ خرقوا به كل المواثيق الدولية، وأظهروا به عداءهم
للبشرية والإنسانية
فقد انقض قراصنة الشر على العُزَّل الأبرياء جوًّا وبحرًا، وأعملوا فيهم
آلة الحرب قتلاً وجرحًا ليقيموا البرهان واضحًا على أنهم جنسٌ إجرامي لا
يرقبون في إنسان إلاًّ ولا ذمة، ولا يرعون حق دين ولا ملة
ولقد صدق الله العظيم الذي أخبرنا عنهم في قوله تعالى لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ
النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ، وقال تعالى وَلَنْ
تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ
مِلَّتَهُمْ ، وقال عز وجل كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ
أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا المائدة
لقد سقط المجتمع الدولي المزيف سقوطًا مدويًا عندما عرقلت أمريكا إصدار
قرار قوي من مجلس الأمن الأمريكي أقصد الدولي يدين تلك العربدة، وهذا
الصلف والغرور الذي تبنته إسرائيل، مكتفين ببيان هزيل وُلد ميتًا، ولقد
جرف القانون الدولي في سقوطه أكذوبة الشرعية الدولية التي تطبق على العرب
والمسلمين فقط، وحافظت أمريكا على مشاعر إسرائيل فضغطت هنا وهناك حتى على
الطرف التركي نفسه، لكي يكون رد فعله هزيلاً خافتًا، بحيث لا يصدر عن
المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية ما يكدر خاطر أزلامها من الصهاينة في تل
أبيب، بينما تطالب بتنفيذ قرار اعتقال البشير حقًّا «إذا لم تستح فاصنع ما
شئت»
إن ما حدث لأسطول الحرية، وما حدث من بعده من اعتداء على سفينة المساعدات
راشيل كوري ليدفعنا بشدة إلى أن نرجع إلى الوراء، لنسترجع تاريخنا الحافل
المجيد ونهتدي بهدي نبينا نطلب العزة والكرامة التي أعزنا بها الإسلام
تابعونى فى البقيه
دمتم اخوتى فى رعايه الله وامنه