ويل للإسلام من أهله
للعلامة سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن
حميد
كتبه سنة 1384ه
إن الإسلام بدأ يضعف في بلادنا، وتخف سطوته في
القلوب، وتضعف عظمته في النفوس بما أصيب به من الويلات والمصائب، التي جرها بعض
المنتسبين إلى الإسلام نحو الإسلام.
فقد علم الناس أن تغيرا عقليا، وانحرافا غريبا طرأ
على أفكارهم، وتدفق عليهم سيل المدنية الجارف؛ فاستقبلوا ذلك البلاء العظيم
بارتياح، وقبول وصفاء بال، وبادروا إلى إتقانه، والدعوة إليه، وذهلوا عن كل شيء
سواه، فكأنهم في سكرة من أمرهم. وهذا مما جعل كل واحد من علماء المسلمين، في مشارق
الأرض ومغاربها، يشعر بالخطر المحدق به، وبدينه، وبأمته، لأن الباطل في نمو
وازدياد، والحق في ضعف واختفاء. والكثير من العلماء أو الأكثر يتأففون من الحالة
الراهنة، ويظهرون التضجر والسخط، ويبدون التأثر والانفعال؛ ولكن هذا لا يكفي لتلافي
الأخطار المحدقة بالإسلام - وهي في نمو وازدياد - بل لا بد لدفع ذلك، من اجتماعات
إسلامية صادقة، لتدارك ما فات، وإصلاح ما فسد، وإقامة ما اعوج.
إن الأمة الإسلامية لا تكون ذات كيان، عزيزة الجانب،
إلا إذا اجتمعت، وتناصرت على جلب ما ينفعها، ودفع ما يضرها، في أمر دينها ودنياها،
كما قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [سورة
المائدة آية: 2] .
وإليك بعض ما قاله أعداء الإسلام في وصفهم للمسلمين،
حين عدلوا عن دينهم الإسلامي إلى ما سواه:
"لما رغب المسلمون عن تعاليم دينهم، وجهلوا حكمه
وأحكامه، فشا فيهم فساد الأخلاق؛ فكثر الكذب والنفاق والخيانة، والتحاقد والتباغض،
وتفرقت كلمتهم.
وجهلوا أحوالهم الحاضرة والمستقبلة، وغفلوا عما
يضرهم وما ينفعهم، وقنعوا بحياة يأكلون فيها ويشربون وينامون؛ ثم لا ينافسون غيرهم
في فضيلة؛ ولكن متى أمكن لأحدهم أن يضر أخاه لا يقصر في إلحاق الضرر به؛ فجعلوا
بأسهم بينهم، والأمم من ورائهم تبتلعهم لقمة بعد أخرى. رضوا بكل عارض، واستعدوا
لقبول كل حادث، وركنوا إلى السكون في كور بيوتهم، يسرحون في مرعاهم، ثم يعودون إلى
مأواهم".
هذا وصفهم لحالة المسلمين حين جهلوا تعاليم هذا
الدين القويم، ورضوا منه بمجرد الانتساب إليه؛ في حين أن الإسلام، هو أجلّ دين على
وجه الأرض، لم ينزل على نبي من الأنبياء مثله، ولا كان لأمة من الأمم نظيره. فإنه
دين الفطرة، دين الرقي، دين العدالة، دين المدنية الفاضلة، دين العمل، دين
الاجتماع، دين التوادد والتناصح والتحابب، دين رفع ألوية العلم، والصنائع، والحرف،
غير قاصر على أحكام العبادات والمعاملات، بل شامل لجميع منافع العباد ومصالحهم، على
ممر السنين وتعاقب الدهور، إلى أن تقوم الساعة. والله الموفق الهادي إلى سواء
السبيل، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
نقله لكم
الدرر السنية في الأجوبة النجدية ( 16
/ 101 )